
الزكاة .. طاعة وطهارة ونماء
تُعد الزكاة أحد قواعد المجتمع المتكافل، وواحدة من أركان الإسلام الخمس التي بُني عليها الإسلام، فهي الركن الثالث من أركان الإسلام، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رَواهُ البُخارِي، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: (بُنِي الإسلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وأنَّ مُحمَّداً عَبْدُه وَرَسولُهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البيتِ، وصَومِ رَمضانَ)، ولذلك فإننا كـ جمعية خيرية إسلامية، نسعى لتسهيل سبيل إخراجها إلى مستحقيها، فإخراج المال لمستحقيه هو عين الزكاة، و في إخراجها نماءٌ للمال وتطهيرٍ وبركة له.
إننا ننظر إلى الزكاة في جمعية إنسان الخيرية، ليس على أنها باب من أبوب تمويل الأعمال الخيرية، بقدر ما إنها
أحد السمات الواضحة على أتباع الشريعة الإسلامية، وهيمنة المشاعر والأخلاق الإسلامية على هذا المجتمع الكريم المتكافل.
من فوائد إخراج الزكاة
ولإخراج الزكاة في المجتمع المسلم فوائد ومنافع شتى، ليس أقلها تطهير نفس مخرجها (المُزكًّى) مما قد يصيبه من بخل أو شح أو حب للمال أو سيطرة للمال على نفسه ومشاعره، وقد قال الله تعالى في سورة التوبة” خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ “.
كما أنها تطهر المال مما يعلق به من شبهات مختلفة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ” قد سمى الله الزكاة صدقة وزكاة، ولفظ الزكاة في اللغة يدل على النمو والزرع، يقال فيه زكا إذا نما ولا ينمو إلا إذا خلص من الدغل، فلهذا كانت هذه اللفظة في الشريعة تدل على الطهارة، قد أفلح من زكاها قد أفلح من تزكى، نفس المتصدق تزكو وماله يزكو يطهر ويزيد في المعنى”.
وللفقير من الزكاة شأن آخر، فهي تُطَهِر نفسه مما قد يعلق بها من حقد أو غل تجاه الأغنياء، لأنه حينما يتلقها منهم يشعره ذلك بمشاركتهم له وإحساسهم به وبمعاناته، عملهم على تخفيف هذه المعاناة، وهو الأمر الذي يعود بالنفع لى المجتمع المسلم كافة من حيث التلاحم والانتماء.
إننا كـ جمعية خيرية نعلم أن إخراج الزكاة ينمي المال، ويجعل البركة ترافقه، بل هو ربما يكون سببًا رئيسيًا في الرزق، لذا حينما ندعوا المُزكًّىين لإخراج زكاتهم عبر جمعيتنا فإننا نفتح لهم بابًا أيضا لزيادة أموالهم وتنميتها، ألم يقل النبي صلي الله عليه وسلم لسعد بن أبي رضي الله عنه: “هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ؟”.
فدعاء الفقير المحتاج لصاحب المال الذي أعطاه، أدعي أن يقبله الله تعالي، ويعود بالنفع على صاحب المال، وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها”.
بل إن إخراج الزكاة مقرونًا بنزول الخيرات والبركات من السماء إلى أهل الأرض، وقد جاء في الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ” يا معشرَ المُهاجِرينَ، خِصالٌ خمْسٌ إذا نزلْنَ بكم -وأعوذُ باللهِ أنْ تُدْرِكوهنَّ” وذكر صلى الله عليه وسلم منهم ” ولم يَمْنعوا زكاةَ أموالِهم إلَّا مُنِعُوا القَطْرَ من السَّماءِ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَروا“.
والزكاة أيضًا مدخل لسعادة المسلم وفوزه في الدنيا والأخرة، وقد قال تعالى في سورة المؤمنون ” قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (1) ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ (2) وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ (3) وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ (4) وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ (7) وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ (8) وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ (10) ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ”.
والعمل الخيري يعود بالنفع على المجتمع كله، لأنه يسهم بشكل كبير في خلق جو من التكافل والتراحم بين طبقات المجتمع المسلم المختلفة، بل أنه يساعد أكثر ما يساعد أيضًا في علاج ومحاربة بعض المشكلات والأمراض الاجتماعية التي تتفاقم في المجتمعات المختلفة كالبطالة والفقر.
ولأننا لا نقف كـ جمعية خيرية عند حدود تقديم الإعانات والمساعدات للمحتاجين من فقراء المسلمين، بل نسعي لإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة.
أننا نشجع أصحاب الأموال والمشروعات على إخراج زكاتهم، لأننا نعلم يقينًا أن الزكاة تمثل انتعاش وتنمية اقتصادية تعمل على تسيير دوران رأس المال، بحيث لا يُكنز حتى لا تأكله الزكاة، ولا يقبع المال دومًا في يد الأغنياء فقط.
من هم مستحقي الزكاة؟
لقد فصّل القرأن الكريم الأصناف التي تجب لهم الزكاة في قوله سبحانه (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم) التوبة 60،
فهي للفقراء والمساكين الذين لا يسألون الناس احتفاظ لهم بكرامة نفوسهم، وكذلك إشعار لهم بالتكافل وتضامن المجتمع المسلم معهم، وهي لابن السبيل تنجده في ساعة العسرة، وتعينه حال انقطاعه عن الأهل والديار، كما أنها تحقق الأمان للمجتمع المسلمين بمساعدة الغارمين على أداء الحقوق إلى أهلها حفظًا لهم من توقيع العقوبة عليهم.
فهذه هي المصارف الشرعية للزكاة، وهي نفس المصارف التي ننفقها فيها كـ جمعية خيرية من ضمن روافدها تلقى أموال الزكاة والعمل على إنفاقها في وجوهها الصحيحة.
على من تجب الزكاة؟
ربما أعتقد الكثيرون أنه بسبب أن الزكاة في الأصل عبادة فهي مفروضة فقط على المسلم المكلف، لكن هذا الاعتقاد يخالف الواقع، لأن الشرع الحنيف أوضح أن الزكاة بصفتها عبادة مالية فإنها تفرض على كل أفراد المجتمع المسلم ولو كانوا غير مكلفين إذا بلغ المال النصاب وحال عليه الحول.
ولذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث الأولياء على مال اليتيم بالاتجار فيه خوفًا من أن تأكلها الزكاة؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال “ألا من وَليَ يتيماً له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة”.
فيما تجب الزكاة؟
وتجب الزكاة على كل الثروات من الذهب والفضة والنقود، فضلًا عن الأوراق النقدية والودائع النقدية لدى المصارف وذلك بمعدل 2,5%، وبنفس المعدل أيضًا في عروض التجارة، وهناك زكاة الزروع والثمار وزكاة الإبل والبقر والغنم.
والزكاة هنا لا تمثل عبئًا على صاحب المال فقيمتها نسبة إلى رأس المال قليلة جدا، وبصفة عامة هناك شروط عامة وضعها الفقهاء لوجوب الزكاة وهي:
- أن يبلغ النصاب: وهو حد قيمة المال الذي يجب عليه إخراج الزكاة وهو ما يعادل 85 جرام ذهب عيار 21
- مقدار الزكاة 2.5 % من وزن الذهب والفضة الذي بلغ النصاب
- يجب أن يمر عليه الحول.
- ويجب ان يكون الشخص الذي يؤدي الزكاة حر وأن يكون المال أو الذهب أو الفضة ملكه وحده.
- وبالنسبة لحلي المرأة فلا زكاة فيه عند الجمهور
إننا في جمعية إنسان الخيرية لسنا مجرد جمعية خيرية تسعي لتلقي أموال الزكاوات لصرفها على أوجه النشاط الاجتماعي المختلفة فقط، بل نسعى لأن تُصرف هذه الأموال على مصاريفها الشرعية بما يحقق النماء والتكافل بين أفراد المجتمع الإسلامي ويما يحفظ كرامة أبنائه.
مشروعات آخرى قد ترغب فى التبرع لها.
-
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أقامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكاةَ وماتَ لا يُشرِكُ باللهِ شيئاً، كانَ حقًّا علَى اللهِ -عزَّ وجلَّ- أن يغفرَ لَه هاجرَ أو ماتَ في مَولدِهِ).
-
الصدقة هي أولى الدروس التي يتلقاها المسلم في مدرسة عمل الخير فهي الأصل والبداية. فقد تتنوع أعمال البر للمسلم إلا أن أن كلها تبتدئ بالصدقة.
-
من خلال دفع قيمة الكفارة نقوم بإيصال الكفارة إلى مستحقيها من الفئات الأشد احتياجاً، ونطعم بها عشرة مساكين لكل كفارة يمين واحدة